Toboupost تبوبوست

View Original

المناظرة الكبرى في التاريخ من قصة موسى وفرعون

؟

لما جاء السحرة وقد جمعوهم من أقاليم بلاد مصر، وكانوا إذ ذاك أسحر الناس وأصنعهم، وكان السحرة جمعاً كثيراً وجماً غفيراً، قيل: كانوا اثني عشر ألفاً، وقيل: خمسة عشر ألفاً، وقيل: غير ذلك، واللّه أعلم بعدتهم. واجتهد الناس في الاجتماع ذلك اليوم، وقال قائلهم: { لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين} ، ولم يقولوا نتبع الحق سواء كان من السحرة أو من موسى، بل الرعية على دين ملكهم { فلما جاء السحرة} أي إلى مجلس فرعون، وقد جمع خدمه وحشمه، ووزراءه ورؤساء دولته، وجنود مملكته، فقام السحرة بين يدي فرعون يطلبون منه الإحسان إليهم إن غلبوا فقالوا: { أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين} أي وأخص مما تطلبون أجعلكم من المقربين عندي وجلسائي، فعادوا إلى مقام المناظرة { قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى * قال بل ألقوا} وقد اختصر هذا ههنا فقال لهم موسى: { ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون} وهذا كما تقول الجهلة من العوام إذا فعلوا شيئاً هذا بثواب فلان، { فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون} أي تخطفه وتجمعه من كل بقعة وتتبلعه فلم تدع منه شيئاً. قال اللّه تعالى { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} فكان هذا أمراً عظيماً، وبرهاناً قاطعاً للعذر، وحجة دامغة، وذلك أن الذين استنصر بهم وطلب منهم أن يغلبوا غُلبوا، وخضعوا وآمنوا بموسى في الساعة الراهنة، وسجدوا للّه رب العالمين الذي أرسل موسى وهارون بالحق وبالمعجزة الباهرة، فغلب فرعون غلباً لم يشاهد العالم مثله، وكان وقحاً جريئاً عليه لعنه اللّه والملائكة والناس أجمعين، فعدل إلى المكابرة والعناد ودعوى الباطل، فشرع يتهددهم ويتوعدهم، ويقول: { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر} ، وقال: { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة} الآية.

العبرة...

اليس هذا ما يحصل في واقع الحال عندما يهزم احدهم بالحجة والمنطق فيلجاء إلى التهديد والوعيد...