تختار مكان مناسب ، وتربة خصبة ، وتزرع البذرة ، تتبع ذلك برعاية وأهتمام وتوفير الماء .. تلك عوامل وأشتراطات ضرورية .. لكنها تحتاج عامل الزمن والتمتع بالصبر ، حتى تنمو ثم وصول الموسم المناسب لتنضج الثمار وتحصد نتائج كل ذلك الجهد المضني ..
هكذا تتم كل أمورنا في الحياة .. من الدراسة والعمل والأماني حتى القضايا النبيلة والعظيمة في حياتنا .. كلها تحتاج عوامل وأشتراطات مقرونة بعامل الزمن والصبر حتى تنضج الظروف ونحصد نتيجة جهدنا .. والإخلال بأي من تلك العوامل ، يجعلنا نحصد الخسارة والخيبة ..
ذا النون .. سيدنا يونس عليه السلام .. بعث في قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام .. وبقى يدعوهم لعبادة الله 33 عام حسب بعض الفقهاء ، ولم يؤمن معه سوى رجلين .. فتسرب اليأس أليه ، وظن أنهم لن يؤمنوا أبدا .. فخرج منهم وهم غاضبين منه .. وبعده ظهرت على قومه بوادر عذاب الله الذي وعدهم به النبي يونس ، بسحب ودخان وسواد .. فخافوا وبحثوا على يونس ليدلهم على طريق التوبة ، حتى وجدوا شيخا أخبرهم بما يجب عليهم فعله ، فجمعوا أنفسهم وتضرعوا لله طلبا للتوبة ، حتى تاب الله عليهم ..
يونس بعد خروجه لم يعرف ماذا حصل بعده ، وألتقى قوم يركبون سفينة فركب معهم ، حتى وصلت لعرض البحر ، فأرتفع الموج وأهتزت السفينة ، فأقترحوا أن يرموا أحدهم ليخفف الوزن ، فعملوا قرعة وكل مرة تأتي على يونس يعيدونها لأنهم رأوا فيه علامات الصلاح والخير ، فلما تكررت سلم بالأمر وقفز من السفينة فألتقمه الحوت ، وظل لأيام في بطن الحوت يسبح الله ، حتى قذفه الحوت على الشاطئ ونجا من الموت ، ولما عاد إلى قومه وجدهم أمنوا أجمعين .
القصة وردت لعبرة ودرس .. هو أن لا نيأس ولا نتذمر ولا نغضب ولا نستعجل الحصاد ، فالقضايا تحتاج صبر جميل وحكمة تدبير وطول نفس وإيمان عميق ، لكي نجني النجاح والنصر .. نعم الصبر مرهق ، ومرور الزمن ثقيل وسط الأزمات ، وأنسداد الأفق وعدم رؤية نتائج سريعة يجعل الحماس يفتر والعزيمة تضعف والأرادة تخور ، فالأنسان ( خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا ) .. لذلك علينا الثقة في أنفسنا والإيمان بقضايانا والثبات على الحق والصبر على الإبتلاء وعدم اليأس والأحباط وحسن الظن بالله ، وحتما سننتصر ، فلكل أمر أوان ... الفارس الليبي