📘 العائلة_العائلة
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾
و أبو لهب هو: عبدالعزى بن عبدالمطلب بن هاشم، عم النبي محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، ويُروى أنه حين بشّرته إحدى جواريه بولادة طفل لأخيه عبدالله (هو النبي محمد) حرّرها من الرّق فرحاً بولادة محمد والذي سيُصبح لاحقاً ألد الناس عداوة له.. رغم قرابته له.
أبا لهب: اسم اشتهر به بعدما لقّبه به والده عبدالمطلب وذلك لوسامته وإشراق وجهه!
عندما نزلت هذه السورة كان أثنين من أولاده هما عُتيبة وعُتبة زوجين لبنتي الرسول أم كلثوم ورقية، وعندما سمع أبو لهب المسلمين يرددون هذه الآيات قال لهما:
رأسي ورأسكما حرام إِن لم تطلقا ابنتي محمد. فطلقاهما.
التقط المفسرون الأوائل هذه الالتقاطة العجيبة:
كان بإمكان أبو لهب - العدو اللدود للإسلام - أن يضرب الإسلام بقوة ويُكَذَّب القرآن عبر إعلانه لإسلامه، ولو بالكذب!.. ولكن، يعلم علّام الغيوب الذي أنزل هذا القرآن على محمد: ان ابا لهب لم ولن يخطر على باله - مع شدة دهائه - أن يأتي ويقول أشهد ان لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله - ولو نفاقا - ليهدم الإسلام عبر التشكيك بالآيات القرآنية.. رغم أنه مات بعد نزول هذه السورة بأكثر من 10 سنوات!
أظن - وليس كل الظن إثم - أن هنالك ملمح أهم وأجمل في هذه السورة:
هذا الشريف القرشي لن ينفعه شرفه ونسبه، وقريش القبيلة العظيمة التي أنجبت محمداً - صلوات الله وسلامه عليه - أنجبت أيضاً رمز الكفر الذي وعده الله بالنار. الله - سبحانه - يقول لنا: لا تقدسوا قريش.. لا تقدسوا البيت النبوي.. كان بإمكانه سبحانه أن يضع نموذجاً آخر للكفر لا يقل عن أبو لهب - أبو جهل على سبيل المثال - وعبر هذا الفهم تفهم الحكمة من عدم وجود سلالة للرسول حتى لا يُفتن الناس بها... هنالك طوائف وضعوا هالة من القداسة لأبناء أبنته.. لأنهم أبناء أبنته!
قرابة ابو لهب للرسول لم تشفع له، وصار اسمه مثلاً للكفر، ويكاد ان يكون هو وزوجته من القلة (المبشرين) بالنار!
الاسلام منذ أيامه الاولى هو دعوة عالمية لكل البشريّة، ووجود هذه الأسماء من أعراق مختلفة بين صحابة رسول الله (بلال الحبشي، صهيب الرومي، سلمان الفارسي) دليل على عالمية هذه الدعوة وشمولية تلك الرسالة.
لا يوجد في الإسلام قداسة لعرق، أو لسلالة، أو لنسب..
الناس نوعين فقط: مسلم وكافر.
و المفارقة القرآنية العجيبة.. تخبرك بالتالي:
أطغى الطغاة الذي قال ﴿أَنَا ربكم الْأَعْلَىٰ﴾ كانت أمرأته المثال الأعلى للإيمان: ﴿وضرب الله مَثَلًا للذين آمَنُوا امْرَأَتَ فرعون﴾
أما مثال الكفر فهما أمرأة نوح وأمرأة لوط عليهما السلام: ﴿ضرب الله مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ:
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾
لتعارفوا: المعنى الواضح التعارف.
لتعارفوا: ربما من العُرف والأعراف التي ستميزكم عن بعضكم البعض.
لتعارفوا: لعله المعروف الذي ستصنعونه لبعضكم البعض.
وأياً كان المعنى، المقياس عند من خلقكم واحد..
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ: أَتْقَاكُمْ ﴾
ربما تكون العائلة: عائلة!
والأسرة: أسر..
وأهلك: أهلك من الهلاك!
عم محمد كافر
و زوجة لوط كافرة
و أب ابراهيم كافر
و أبن نوح كافر... لهذا ناداه الله:
﴿يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾
وعندما يكون أبن نوح (ليس من أهله) كما يقول الله سبحانه، فإن الصحابي «سلمان الفارسي» في نظر رسوله لم يكن رجلاً غريباً أتى من قرية صغيرة في أصفهان..
كان يُعرّف به الرسول بهذا الشكل: «سلمان منا آل البيت».