-
ترجمة - محمود الدنعو
أمضى المصور الفوتوغرافي الألماني الإيراني مهدي اهساي ثلاث سنوات في محافظة هرمزغان جنوب إيران ليوثق بعدسته حياة أقلية منسية في بلاد فارس هم الإيرانيون المنحدرون من أصول إفريقية وجمع المصور مهدي هذا العمل التوثيقي في مؤلف مصور بعنوان: «الإفرو إيرانيون.. الأقلية المجهولة». ويقول المؤلف إن القليل من الإيرانيين مطلعون على هذا الجزء من جغرافيا وتاريخ إيران، فهذا الكتاب يوثق لانخراط إيران سابقا في تجارة الرقيق عبر المحيط الهندي وعندما تم تحريم هذه التجارة دوليا في عام 1928 استقر الرقيق المحررون في هذه البلاد.
ويروي مهدي لموقع (كوارتيز) سر اهتمامه بهذه الأقلية قائلا:«شاهدت مباراة لفريق كرة قدم يمثل محافظة هرمزغان وكان قائد مشجعي الفريق من أصحاب البشرة السمراء هو يقود التشجيع من خلال أغنية تبدو إفريقية أكثر منها إيرانية، فقررت البحث والتقصي عن هذه الأقلية وحصلت على تمويل لهذا المشروع من خلال تبرعات عبر الإنترنت».. ورداً على سؤال ما هو أكثر ما أثار استغرابه خلال تنفيذه لهذا المشروع التوثيقي الكبير يقول مهدي:«قبل أن أبدأ البحث لم أكن أعرف أن تاريخ الإفرو-إيرانيين يعود إلى مئات السنين ولم أكن أنا وحدى بل الكثير من الإيرانيين الذين تحدثت إليهم لا يعرفون أن هناك إيرانيين من أصول إفريقية يعيشون معنا في هذه البلاد لقرون من الزمان وكان صعبا بالنسبة إليّ أن أعثر على كتب أو معلومات عن هذه الجماعة كما أنه لا يوجد توثيق بصري لهذه الأقلية».
أكثر ما أثار مهدي أن الإفرو-إيرانيين كان لهم نفوذ ثقافي على كل الإقليم الجنوبي لإيران.. ويضيف:«كلما توغلت جنوبا ترى الناس هناك في أزياء ملونة وحيوية وتلاحظ اختلافا في الموسيقى والإيقاع والرقص عن سائر أنحاء إيران الأخرى».
ولكن السؤال ما هو الهدف من تصوير هذه المجموعة المنسية؟ يقول مهدي:«قصدت تصوير وعرض المجموعات غير المماثلة في التاريخ الإيراني الحديث التي لا صوت ولا صورة لها وكان هدفي إعطاء المجتمع الإيراني فرصة لفهم والتعرف على الإفرو-ايرانيين والتعامل معهم كبشر وبيئة والمجال الطبيعي الذين يعيشون فيه، وبهذا الكتاب أستطيع تقديم الإفرو إيرانيين إلى المجتمع وأتمنى أن يصل إلى الجميع.. فهذه حكاية من تاريخ الهجرات الإفريقية غير موثقة وتحتاج إلى أن تروى للعالم».
وأكد أن الناس المنسين لهم ردات فعل على تصويرهم من قبل «مهدي» الذي يكشف أن بعضهم كان مندهشا من التصوير والبعض يتساءل ما المصلحة في ذلك وآخرون لا يكترثون بالأمر، ولكن بعد التصوير كيف يرسم مهدي بالكلمات صورة مجتمع هؤلاء الإيرانيين؟ يجيب مهدي قائلا:«بجانب سحناتهم وتمركزهم في مناطق معينة فالإيرانيون من أصول إفريقية لا يختلفون كثيرا عن المجتمع الإيراني فهم يشعرون بأنهم إيرانيون ولكن تجد لديهم عدم ارتياح عندما تسألهم عن جذورهم بعضهم يعلم خلفيته الثقافية والبعض لا يعلم ولا يهتم، أذكر أن أحدهم أخبرني بأنهم عندما يسافرون إلى مدينة أخرى في إيران يظن البعض أنهم سياح أجانب وهذا الأمر يحدث لي هنا في ألمانيا حيث يظن الألمان بانني لست ألمانياً وبالتالي فإن بعض الإيرانيين يعتقدون بأن الإيرانيين هؤلاء لا يشبهون الإيرانيين وهذا ما سعيت إلى تغييره من خلال هذا الكتاب».