·
اقراء المقدمة فى الجزء الاول...
الجزء الثانى...
واصلت القافلة مسيرها فى صمت على امل ان تصل منطقة "كازرا" وهو الاسم باللغة التباوية او "كازراوه" باللغة العربية بعد صلاة العشاء.
"كازراه" هى منطقة تقع بين قرية مدروسة وقرية تجرهى , منطقة عامرة باشجار النخيل والطلح والاعشاب الصحراوية ,وهى خالية من السكان فى الوقت الحاضر . "كازراه" منطقة تتوسط الوادى الممتد من القطرون حتى تجرهى..يقال ان المنطقة سكنها قديما بعضا من قبائل التبو وذلك فى النصف الاول من القرن الماضى حيث عملوا فى رعى الماشية والابل وكانت المنطقة غنية بالماء والعشب ولكن لا دليل على اى آثار للبناء او العمران .
منطقة كازراه تعرف فى ثرات واساطير مجتمع التبو بانها منطقة مسكونة بالشيطان حيث نسجت العديد من الحكايات والقصص والتى يصل البعض منها الى حد الخرافة او الاسطورة, ولكن ما من اسطورة او خرافة ألا ولها اساس.
وصلنا الى المنطقة وقد انهكنا التعب ونال منا الجوع والعطش وفى ظلمة الليل وسكونه كسر صوت "كوريمى" السكون وهو يعلن باننا سوف نعسكر هنا هذه الليلة ..
اقعدنا الابل وانزلنا الاثقال من على ظهورها واسرع البعض منا بجمع الحطب من الاشجار والتى من حولنا لايقاد النار لطبخ ما امكن من طعام العشاء..وفى ركن غير بعيد ترأى لنا قوما آخرين وقد اوقدوا نارا حيث وصلت اصواتهم الى مسامعنا..ونهض "بوكريى" وهو مشتق من اسم " ابوبكر " باللغة العربية حيث اضيفت الياء للتصغير, وهو شاب لم يتجاوز العشرون من العمر سريع الحركة وسريع الكلام للدهاب الى اولئك القوم لطلب نار لاشعال الحطب...وما كاد ان يتحرك حتى اوقفه "كوريمى" بصوت لا يخلوا من نبرة الامر والنهر؟
البعض منا عرف السبب ..والبعض الاخر لم ينشغل بالامر حيث شغلته القافلة ومتاعها..ووقف "بوكريى" متعجبا وحائرا وهو ينظر الينا والى "كوريمى"لعله يجد اجابة لهذا الاستيقاف ..ولم تتأخر اجابة كوريمى حيث قال له وبكل ثقة " لا تذهب اليهم هؤلاء ليسوا قوم مثلنا", هذه بلدهم ونحن ضيوف عليهم لا يجب ان نزعجهم بالطلبات ,و قريبا سنسمع اصوات الطبول والعويل,,,..ضحك بعض الرجال لانهم على درايه بما يدور حولنا واندهش "بوكرى" حتى كاد ان يسقط ارضا ,وقبل ان نتدبر الامر و نوقد نارنا سمعنا اصوات الطبول تدق , والزغاريد تطلق , واللسنة النار ترتفع فى عنان السماء..
وفى خضم ضجيج اصوات الطبول ,اعد الرجال ما امكن من طعام العشاء ,وتناولناه على عجل ليبحث كل واحد منا على ركن آمن للاستراحة والنوم, كانت ليلة طويلة ومرعبه لم استطع فيها النوم رغم الارهاق و التعب , فالفضول كان قد اخد حيز من تفكيرى بشأن اولئك القوم والذين يقيمون عرسا على مقربة منا, حاولت أن أتسلل فى ظلمة الليل الى جوار "كوريمى" لمعرفة المزيد عنهم. ولكن "كوريمى" كان يغط فى سبات عميق فالامر بالنسبة له طبيعى ولا يعدوا ان يكون الا عرس للشيطان ولايريد ان يفسد نومه بالقلق على نفسه او على مصير الشيطان .